بقلم :علي يحيى
لم تفتئ جدلية المشاركة والمقاطعة في البحرين تعاود الظهور بين فترة وأخرى خصوصا ً مع قرب الاستحقاق الانتخابي لمجلس النواب إذ يتجدد الصراع والتصريحات بين المؤيدين والمعارضين لكلا الخيارين كلٌ يدلي بما يعزز ويساند خياراته ويسقط خيار الآخرين.
إحدى أهم النقاط التي يثيرها المقاطعون تجاه المشاركة السياسية هي ان الأخيرة تعطي الشرعية لدستور 2002 (المنحة) الذي أصدره الملك بإرادة منفردة تخطت ما تم الاستفتاء عليه بالموافقة في ميثاق العمل الوطني 2001م.
وهذه الإشكالية ينفيها المشاركون ويقيسونها على دستور 73 العقدي الذي كانت المعارضة آن ذاك متحفظة على بعض مواده الا انها شاركت في المجلس الوطني الناشئ عن هذا الدستور ، ويقول النائب الوفاقي خليل المرزوق"لا يستطيع أحد أن ينقل أي دستور من المنحة الى العقدي، والعمل وفق أحكام الدستور بفرض الواقع لا تنقله من رتبة المنحة للعقدي".
كلام المرزوق لم يكن كلام أهل السياسة وانما هو كلام القانونيين، فليس من مصطلحات اهل القانون ان يكون الدستور شرعي أو غير شرعي انما يقسم فقهاء القانون الدستوري الدساتير من حيث نشئتها الى ديمقراطي وغير ديمقراطي ، ويقسم الديمقراطي الى دساتير الاستفتاء ودساتير الجمعيات التأسيسية وكذلك تقسم الدساتير غير الديمقراطية الى دساتير منحة ودساتير عقد.
ولان مطالب اغلبية القوى المعارضة تتجه الى الدساتير غير الديمقراطية فلزاما ً ان ابين تعريفات كل من المنحة والعقد.
دستور المنحة: هو الوثيقة الدستورية التي تصدر بإرادة منفردة من الحاكم دون مشاركة الشعب في وضعه.
دستور العقد: هو الوثيقة الدستورية التي تصدر باتفاق ارادتين هما ارادة الحاكم والشعب ولايمكن لاحد الطرفين ان يجري تعديل دون موافقة الطرف الآخر.
إذاً فان قانونياً قد سقطت نظرية اعطاء الشرعية للدستور بالمشاركة في الانتخابات النيابية لكون لا يمكن قانونيا ً للانتخابات ان تنقل الدستور من المنحة الى العقد او من العقد الى المنحة.
قد يقول قائل بان الشرعية المقصودة هنا من المقاطيعين هي الشرعية السياسية التي ستوصل رسالة خاطئة للعالم بان شعب البحرين متوافق مع هذا الدستور المنحة وهو كلام قد يكون صحيحاً لو انعدمت وسيلة ايصال تلك الرسالة الا بالمقاطعة.
ليس بجديد ان نقول بان المشاركة فتحت آفاق كبيرة اعلامية ودبلومسية وسياسية أمام المشاركين، تلك الآفاق التي يستطيع من خلالها المعارضين ايصال وجهات نظرهم في الدستور وغيرها من القضايا لصناع الراي العام والقرار العالميين.
وليس بجديد كذلك ان نقول بان مشاركة المعارضة في مجلس النواب فضحت امام الراي العام والمتابعين للشئن البحريني مدى تخلف الدستور والقوانين المنظمة لعملية التشريع والرقابة في البحرين.
ولذلك نسأل كيف أعطت المشاركة الشرعية لدستور مملكة البحرين 2002 ؟
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق